إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49909 مشاهدة
جمع أهل السنة والجماعة بين الشرع والقدر

ص (ولا نجعل قضاء الله وقدره حجة لنا في ترك أوامره، واجتناب نواهيه، بل يجب أن نؤمن ونعلم أن لله علينا الحجة بإنزال الكتب، وبعثة الرسل، قال الله تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء: 165]. ونعلم أن الله سبحانه ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك، وأنه لم يجبر أحدا على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعة، قال الله تعالى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]. وقال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]. وقال تعالى الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ [غافر: 17]. فدل على أن للعبد فعلا وكسبا، يُجزى على حَسنه بالثواب، وعلى سيئه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره.


س 41 (أ) ماذا يسمى من احتج بالقدر على المعاصي (ب) وبأي شيء تكون الحجة لله. (ب) وما نوع قدرة العبد واستطاعته وكسبه. (د) وهل فعله خارج عن خلق الله؟ (هـ) وتكلم على أدلة قدرة العبد.
ج 41 (أ) المحتجون بالقدر هم الجبرية والمجبرة، زعموا أنهم مجبورون على فعل الذنوب وترك الطاعات، وأن العبد لا قدرة له ولا اختيار، وشبهوا حركاته بحركة المرتعش، وبتحريك الرياح لأغصان الشجرة، وقد احتجوا بمثل قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات: 96]. وقوله اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزمر: 62]. وقد جعلوا للكفرة عذرا، حيث زعموا أن تعذيبهم ظلم وجور من الرب تعالى، حيث عاقبهم على أفعال خلقها فيهم. ولا شك أن هذا إبطال للشرع، وإنكار للحكمة والمصلحة، ثم هم لا يحتجون بذلك في الأحوال كلها؛ بل يلومون من أساء إليهم، ويؤدبون خدامهم على المخالفة، وإنما يعتذرون بالقدر عند ارتكاب الذنوب، بأن الله لم يهدهم، وأنه الذي أوقعهم في ذلك بخلقه فيهم، ونحو ذلك، وفيهم قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
وعنـد مـراد اللـه تفنى كميت وعنـد مراد النفس تسدي وتلحم
وعند خلاف الأمر تحتج بالقضا ظهيرا على الرحمـن للجبر تزعم

(ب) وعند أهل السنة أن الله تعالى لا يظلم أحدا قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ [الأنعام]، وأنه أرسل الرسل، وأنزل الكتب، لتقوم الحجة، وتنقطع المعذرة، كما قال تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء: 165].
(ج) وللعباد قدرة واستطاعة على الأفعال، بموجبها كلفهم الله بالشرائع، وأمر ونهى، وبحسبها يثيب المطيع، ويعاقب العاصي، وبها يتمكنون من الفعل والترك، وتنسب إليهم تلك الأفعال، مع أن الله خالقهم، وخالق قدرتهم وإرادتهم.
(د) ولا يخرج شيء عن خلق الله، فالعبد يوصف بأنه مطيع أو عاص، أو بر أو فاجر، بسبب ما يصدر عنه من الأفعال، وليس العبد هو المستقل بفعله واختياره، خلافا للقدرية النفاة، ولا مجبرا على أفعاله، خلافا للجبرية، بل الله أعطاه قدرة واختيارا بحسبه، تنسب إليه أفعاله.
(هـ) قوله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أي لم يكلف أحدا من الخلق إلا بما في وسعه، وبحسب استطاعته، والوسع الطاقة. قوله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ صريح بأن للعباد استطاعة، قد أمروا بتقوى الله على مقتضاها وبقدرها.
قوله الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ يخبر تعالى عن يوم القيامة، وأن كل نفس تجازى ذلك اليوم بما كسبت، أي عملت وحصلت من خير وشر، وأنه لا ظلم على أحد، فأثبت للعباد كسبا وفعلا، ورتب عليه الثواب والعقاب. ولكن كل ذلك بعد خلق الله ومشيئته، كما قال تعالى وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ .